جرح فلسطين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جرح فلسطين

وطني

المواضيع الأخيرة

» رسائل مجانية
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالثلاثاء مايو 14, 2013 6:17 pm من طرف جريح فلسطين

» انظروا من يهاجم بنات السنة العفيفات !!
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 03, 2012 8:48 pm من طرف جريح فلسطين

» لعبة السيارات الشهيرة need 4 speed 2
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالثلاثاء مايو 18, 2010 2:59 am من طرف ياسر ذياده

» القرآن الكريم بجميع الأصوات سعد الغامدي_العفاسي و غيره
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالجمعة مايو 07, 2010 2:38 pm من طرف جريح فلسطين

» رسائل سمس sms مجانية فري free
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالأربعاء مارس 03, 2010 1:25 am من طرف جريح فلسطين

» محمد المبحوح
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالأربعاء مارس 03, 2010 12:59 am من طرف جريح فلسطين

» وحدت المرابطين
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 21, 2009 1:56 am من طرف جريح فلسطين

» سشيسيش
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2009 9:42 pm من طرف جريح فلسطين

» كمال الاجسام
سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 17, 2008 1:20 am من طرف جريح فلسطين

التبادل الاعلاني


    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر

    ابـــ امـــجـــــد ـــــو
    ابـــ امـــجـــــد ـــــو
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد الرسائل : 346
    العمر : 32
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 13/02/2008

    جديد سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر

    مُساهمة من طرف ابـــ امـــجـــــد ـــــو السبت مارس 15, 2008 9:25 pm

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Besmellah



    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر Ayeh
    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر


    مدينة واسط بين الكوفة و البصرة سنة 94 هجري

    نام أهل القصر و بقي الحرّاس و الجنود يَدورُون في الأروقة ، و هم يحملون المشاعل و السيوف و الرماح .

    وقف اثنان من الحرّاس على باب قاعة كبيرة ، كان الحجاج بن يوسف حاكم العراق ينام فيها .

    قال الحارس يحدّث صاحبه :

    ـ لقد سمعت بأن الأمير قد أُصيب بالجنون .

    قال الآخر :

    ـ الأمر لا يحتاج إلى توضيح ، فتصرّفاته تدلّ على ذلك .

    ـ هذا صحيح منذ أن قُتل ذلك الرجل الصالح " سعيد بن جبير " و هو لا ينام . ينهض من نومه خائفاً و يصيح : مالي و لسعيد بن جبير .

    ـ سمعته يقول للطبيب " تياذوق " انّه يرى في المنام سعيداً يجرّه من رقبته و يقول له : لماذا قتلتني يا عدوّ الله .

    لقد قتل الأمير أكثر من مئة ألف إنسان ، و في سجنه الآن خمسون ألف رجل و ثلاثون ألف امرأة .

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر 14.1

    و في الأثناء سمعوا صياح الحجاج و قد هبّ من نومه مذعوراً :

    ـ ما لي و لسيعد بن جبير .

    قال الحارس لصاحبه :

    ـ أظنّ انّ سعيد بن جبير قد جاءه مرّة أُخرى .

    قال الآخر متسائلاً :

    ـ من يكون هذا الرجل الصالح ؟

    سعيد بن جبير

    هو سعيد بن جبير ، اصله من الحبشة ، من موالي بني أسد ،كنيته أبو عبد الله ، سكن الكوفة ، و كان من أعلم التابعين في زمانه ، و كان مشهوراً بالتقوى و الزهد ، و كان من أصحاب الإمام زين العابدين عليّ ين الحسين ( عليه السَّلام ) .

    الصلاة

    كان سعيد بن جبير لا يحبّ شيئاً مثلما يحبّ الصلاة ، و كان يعيش مع و الدته حياة طيبة ، يبرّها و يطيعها ، لأن رضا الله من رضا الوالدين .

    كان سعيد يستيقظ على صياح الديك فينهض من فراشه ، و يتوضّأ ثم يصلّي صلاة الفجر ، و بعدها يقرأ القرآن حتى شروق الشمس .

    و ذات يوم لم ينهض سعيد لصلاة الفجر ، لأن الديك لم يصح ذلك اليوم .

    استيقظ سعيد بعد طلوع الشمس . شعر بالحزن لأن صلاة الفجر قد فات وقتها ، و شعر بالغضب من الديك لأنه لم يصح .

    و عندما وقع بصره على الديك قال سعيد بغضب :

    ـ ما لَكَ ؟! قطع الله صوتك .

    و منذ ذلك اليوم لم يسمع للديك صياح .

    عندما شاهدت أُم سعيد ذلك ، عرفت ان ولدها " سعيد " مُستجابُ الدعاء ، فقالت له :

    ـ يا سعيد يا ولدي لا تدع على أحد .

    أطاع سعيد أمر والدته فلم يدع على أحد أبداً إلاّ مرّة واحدة فقط ، فمتى كان ذلك .

    تعالوا نقرأ معاً قصّة استشهاد ذلك التابعي الذي قضى حياته في الجهاد من أجل أن يكون كلمة الله هي العليا .

    عبد الملك بن مروان

    عندما أصبح عبد الملك بن مروان خليفة على المسلمين أغلق القرآن الكريم و قال :

    ـ هذا فراق بيني و بينك .

    و بدأ عبد الملك يستخدم الحديد و النار من أجل تثبيت حكمه ، فعيّن ولاة ظالمين يحكمون المسلمين بالظلم و القهر ، فمثلاً عيّن خالد بن عبد الله القسري على الكوفة ثم على مكة و عيّن الحجاج بن يوسف الثقفي على الحجاز ثم على الكوفة ، و كان يأمرهم بقتل الناس .

    الحجاج بن يوسف

    عندما وصل الحجاج إلى الكوفة ، صعد المنبر متلثماً ، و ظلّ ساكتاً ثم نزع اللثام و قال مخاطباً المسلمين :

    ـ يا أهل العراق ، يا أهل الشقاق و النفاق .

    و راح يسبّهم و يشتمهم ثم قال :

    ـ لقد أعطاني عبد الملك سوطاً و سيفاً ( أي خوّلني بقتلكم و تعذيبكم فالسوط للتعذيب و السيف للقتل ) فسقط السوط و بقي السيف ( أي ليس عندي لكم غير القتل ) .

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر 14.2

    و هكذا بدأ عهد الإرهاب فراح يقتل و يسجن ، قتل كثيراً من الصحابة و التابعين بينهم كُميل بن زياد ، و قد قتل الحجاج طيلة حكمه 120000 إنسان كما سجن خمسين ألف رجل و ثلاثين ألف امرأة ، و كان في سجنه أطفال صغار .

    المجنون

    عمّ ظلم الحجاج في كل مكان ، حتى الناس في الصحراء و البوادي كانوا يخافون من مجرد اسمه .

    ذات يوم خرج الحجاج في الصحراء فلقي إعرابياً لوحده . فقال له الحجاج :

    ـ ما رأيك في الحجاج ؟

    فقال الاعرابي :

    ـ ظلوم غشوم .

    فقال الحجاج :

    ـ فما رأيك في أمير المؤمنين ( عبد الملك ) ؟

    فقال الاعرابي :

    ـ هو أظلم منه و أغشم .

    فقال الحجاج :

    ـ فهل تعرفني ؟

    ـ لا .. فمن تكون ؟

    ـ أنا الحجاج ؟

    و هنا ارتعد الإعرابي من الخوف فقال :

    ـ و هل تعرفني أيّها الأمير ؟

    فقال الحجاج :

    لا فمن أنت ؟

    فقال الإعرابي خائفاً :

    ـ مولى بني ثور أُجنّ في العام مرّتين و هذه إحداهما .

    فضحك الحجاج و تركه .

    و لم يتركه الحجاج إلاّ بعد أن تظاهر بالجنون و لأنه لا يؤثر على حكم عبد الملك .

    الثورة

    كانت سياسة الحجاج أن يشغل المسلمين بالمعارك على الحدود ، ليربح أحد شيئين الاستيلاء على أراضي البلدان المجاورة و نهب ممتلكاتها ، أو قتل المسلمين و التخلص منهم .

    لهذا ما أن تنتهي معركة و ينتصر المسلمون حتى يرسل أوامر جديدة بالتوغل أكثر فأكثر .

    ذات يوم أرسل الحجاج عبد الرحمن الأشعث على رأس جيش كبير لقتال " رتبيل " ملك الترك ، فانتصر المسلمون و أرسل عبد الرحمن إلى الحجاج يخبره أنه يستطلع الأراضي المفتوحة و انّه أوقف الحرب من أجل استراحة المقاتلين .

    غير أن الحجاج بعث إليه برسالة انتقده فيها و طلب منه استئناف الحرب و التوغل أكثر في بلاد الترك .

    أدرك عبد الرحمن أهداف الحجاج الدنيئة ، فأخبر الجنود بذلك .

    كان المسلمون يكرهون الحجاج لظلمه و يكرهون عبد الملك لأنه سلّط الحجاج عليهم .

    عندما أعلن عبد الرحمن الثورة استجاب له جميع الجنود ، و أعلنوا الثورة على الحجاج و على عبد الملك بن مروان و هكذا عاد عبد الرحمن إلى العراق للقضاء على الظلم ، و في الطريق كان الناس يلتحقون بجيش عبد الرحمن بن الأشعث .

    كتيبة القرّاء

    كان قرّاء القرآن آنذاك يعدّون مراجع للمسلمين في علم التفسير ، و في علوم القرآن الاُخرى ، و كان الناس يُجِلُّونهم و يعظمونهم ، و لكثرة من انضم إلى جيش عبد الرحمن من القرّاء فقد شكلوا كتبية خاصة بهم سمّيت بـ ( كتيبة القرّاء ) ، و كان كميل بن زياد قائداً لتلك الكتيبة .

    حرّر الثائرون مناطق و بلاداً شاسعة من ظلم الحجاج و عبد الملك ، من بينها سجستان ( افغانستان ) و كرمان ( في ايران ) و البصرة ، و فارس ( في ايران ) و الكوفة .

    خاض جيش عبد الرحمن سلسلة من المعارك الضارية و انتصر فيها .

    معركة دير الجماجم

    خاف عبد الملك من هذه الثورة الكبير فأراد أن يخدع الناس فقال : سوف أطرد الحجاج من منصبه إذا ألقى الثائرون السلاح .

    كان المسلمون يعرفون أن أساس المصائب هو من عبد الملك الذي عيّن الحجاج و غيره من الظالمين على بلاد الإسلام . لهذا رفضوا اقتراح عبد الملك و طلبوا منه التنازل عن الحكم .

    أرسل عبد الملك جيشاً كبيراً لمساعدة الحجاج ، و التقى الجيشان بموضع قرب الكوفة يدعى " دير الجماجم " و دارت رحى معركة كبيرة ، انتصر فيها الحجاج .

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر 14.3
    ابـــ امـــجـــــد ـــــو
    ابـــ امـــجـــــد ـــــو
    عضو مميز
    عضو مميز


    عدد الرسائل : 346
    العمر : 32
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 13/02/2008

    جديد رد: سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر

    مُساهمة من طرف ابـــ امـــجـــــد ـــــو السبت مارس 15, 2008 9:26 pm

    فرّ عبد الرحمن بن الأشعث إلى بلاد الترك ، كما أُلقي القبض على الكثير من الثائرين و تمّ اعدامهم .

    كان الشهيد كميل بن زياد قائد كتيبة القرّاء قد اختفى مدّة من الزمن و لكنّه عندما رأى حلّ بقومه من العذاب بسببه نفسه إلى الحجاج فأمر بإعدامه .

    إلى مكة

    هرب سعيد بن جبير إلى مكة ليعيش هناك ، فاختار وادياً قريباً من مكة حتى لا يعرفه أحد .

    كان جواسيس الحجاج يبحثون عنه في كل مكان ، و كان عبد الملك أكثر حقداً على سعيد من الحجاج ، لهذا أرسل مبعوثه الخاص خالد بن عبد الله القسري يبلغ أهل مكة برسالته .

    وصل خالد بن عبد الله القسري إلى مكة و كان الوالي عليها محمد بن مسلمة فقطع خطاب الوالي و صعد المنبر .

    أخرج طوماراً ( رسالة ) مختوماً بختم عبد الملك و فتحه ثم قرأ رسالة عبد الملك إلى أهل مكة .

    من عبد الملك بن مروان إلى أهل مكة . أما بعد فانّي قد ولّيت عليكم خالد بن عبد الله القسري فاسمعوا له و أطيعوا ، و لا يجعلنّ امرؤ على نفسه سبيلاً فانّما هو القتل لا غير ، و قد برئت الذمة من رجل آوى سعيد بن جبير و السلام .

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر 14.4

    و معنى الرسالة أن أي شخص يقدّم مساعدة لسعيد بن جبير فهو محكوم بالإعدام .

    و بعد أن قرأ رسالة عبد الملك صاح خالد بعصبية :

    ـ لا أجده في دار أحد إلاّ قتلته و هدمت داره و دور جيرانه .

    ثم حدد مهلة تبلغ ثلاثة أيام فقط لتسليم سعيد بن جبير .

    في الوادي

    كان سعيد يعرف ان الذي يقدّم له عوناً فهو محكوم بالقتل ، لهذا لم يطلب مساعدة من أحد ، بل أخذ أُسرته الصغيرة و سكن في أحد الأودية القريبة من مكة .

    و ذات يوم اكتشف أحد الجواسيس مكان سعيد بن جبير فأسرع ليخبر الأمير خالد بن عبد الله القسري .

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر 14.5

    أصدر حاكم مكة أمراً بإلقاء القبض على سعيد بن جبير .

    انطلق بعض الفرسان المسلّحين إلى الوادي ، فشاهدوا خيمة صغيرة بين الصخور .

    كان سعيد بن جبير يصلّي ، عندما ترجّل الفرسان عن خيولهم و اقتربوا من الخيمة .

    شاهد ابن سعيد الفرسان المسلّحين فأدرك انّهم جاءوا لاعتقال ابيه .

    بكى الولد من أجل أبيه ، فقال الأب :

    ـ لماذا تبكي يا ولدي ، لقد عشت سبعاً و خمسين سنة ، و هذا عمرٌ طويل .

    ودّع الأب ابنه بعد أن أوصاه بالصبر و التحمّل .

    تقدّم سعيد بن جبير بثبات إلى قائد الفرسان ، و سلّم نفسه .

    تأثر القائد بشخصية سعيد ، تأثر لمنظره و هو يصلّي لله في تلك الصحراء ، و تأثر له و هو يودّع إبنه الوداع الأخير .

    قال القائد :

    ـ لقد كلّفني الأمير بإلقاء القبض عليك ، و أعوذ بالله من ذلك فاهرب إلى أي بلد تريد و أنا معك .

    سأل سعيد قائد الفرسان :

    ـ ألك أُسرة و عيال ؟

    أجاب القائد :

    ـ نعم .

    قال سعيد :

    ـ أفلا تخاف عليهم من القتل و انتقام الأمير منهم ؟

    قال القائد :

    ـ أتركهم في رعاية الله .

    رفض سعيد فكرة الفرار حتى لا ينتقم الحاكم من الناس الأبرياء ، فسلّم نفسه .

    الكعبة

    كان أمير مكة مسنداً ظهره إلى الكعبة الشريفة ، و ينتظر عودة الشرطة .

    جاء الشرطة بسعيد بن جبير . أمر خالد بن عبد الله القسري أمير مكة بشّد يديه إلى رقبته .

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر 14.6

    فقال رجل من أهل الشام :

    ـ أيها الأمير أعف عنه و لا ترسله إلى الحجاج فيقتله ، انه رجل صالح فتقرّب إلى الله بحقن دمه ، لعل الله يرضى عنك .

    قال الأمير :

    ـ و الله لو علمت ان عبد الملك لا يرضى عني إلاّ بهدم الكعبة لهدمتها حجراً حجراً حتى يرضى عني .

    هكذا كان الأمراء الذين عيّنهم عبد الملك و سلّطهم على المسلمين .

    كانوا سفّاحين ظالمين لا يفكّرون بمرضاة الله بل بمرضاة عبد الملك . لهذا ثار سعيد بن جبير و غيره من المؤمنين .

    واسط

    بَنَى الحجاج مدينة جديدة بين الكوفة والبصرة هي مدينة واسط ، و بنى في وسطها قصراً كبيراً له و لأعوانه ، و بنى سجناً كبيراً يعذّب فيه الناس الأبرياء ، كان في سجنه آلاف الرجال و آلاف النساء و الأطفال .

    كان الحجاج جالساً في قصره الكبير و حوله الحرّاس و معه طبيب نصراي اسمه " تياذوق " . و كان الحجاج يحب أن يشاهد بنفسه قتل الناس و ينظر إلى دمائهم و هي تنزف .

    لهذا عندما أُدخل سعيد بن جبير ، كان كلّ شئ جاهزاً . فالجلاّد كان واقفاً ينتظر الإشارة .

    دخل سعيد بن جبير في القصر المملوء برائحة الدم . لم يشعر سعيد بالخوف لأنّه كان مؤمناً بالله و اليوم الآخر .

    سأل الحجاج عن اسمه فقال :

    ـ سعيد بن جبير .

    فقال الحجاج :

    ـ بل شقيّ بن كسير .

    قال سعيد :

    ـ امي أعلم باسمي و اسم أبي .

    ـ شَقيتَ و شقيتْ اُمك .

    ـ لا يعلم الغيب إلاّ الله .

    سكت الحجاج ثم صفق بيده .

    فجاء بعض الهزليين و قاموا بحركات مضحكة .

    قهقه الحجاج بصوت عالٍ و ضحك الحاضرون ، غير ان سعيد ظلّ ساكتاً .

    سأل الحجاج :

    ـ لماذا لا تضحك ؟

    فقال سعيد بحزن :

    ـ لم أرَ شيئاً يضحكني ، و كيف يضحك مخلوق من طين و الطين تأكله النار .

    قال الحجاج :

    ـ فأنا أضحك .

    ـ كذلك خَلَقَنا الله أطواراً !

    أمر الحجاج أن يحضروا له الخزانة .

    أحضر الحرّاس صندوقاً كبيراً مليئاً بالذهب و الفضة و الجواهر .

    راح الحجاج يصبّ أمام سعيد قطع النقد الذهبية و الفضية و الجواهر الثمينة .

    سأل الحجاج :

    ـ ما رأيك بهذا ؟

    فقال سعيد و هو يلقنه درساً :

    هذا حسن إن قمت بشرطه .

    سأل الحجاج :

    ـ و ما هو شرطه .

    ـ تشتري به الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة .

    مرّة أُخرى سكت الحجاج أمام منطق سعيد .

    التفت الحجاج إلى الجلاّد و أشار بقتله .

    تقدّم الجلاّد نحو التابعي الجليل .

    توجّه سعيد نحو الكعبة بقلبٍ مطمئن . طلب أن يصلي ركعتين قبل إعدامه ، توجّه نحو الكعبة و قال :

    ـ وجهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفاً مسلماً و ما أنا من المشركين .

    صاح الحجاج :

    ـ احرفوه عن القبلة .

    دفعه الجلاّد إلى جهة اُخرى ، فقال سعيد :

    ـ أينما تولّوا فثم وجه الله .

    صاح الحجاج :

    ـ اكبّوه إلى الأرض .

    فقال سعيد :

    ـ منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارةً اُخرى .

    صرخ الحجاج بحقد :

    اضربوا عنقه .

    و هنا توجّه سعيد إلى السماء و دعا الله عزَّ و جَلَّ قائلاً :

    ـ اللهم لا تترك له ظلمي و اطلبه بدمي و اجعلني آخر قتيل يقتله من اُمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) .

    و كان هذا الدعاء الوحيد الذي دعا به سعيد على إنسان بعد وصية والدته له .

    هوى الجلاّد بسيفه الغادر علىعنق سعيد فسقط الرأس فوق بلاط القصر .

    و هنا حدث أمر عجيب . عندما نطق الرأس قائلاً :

    ـ لا اله إلاّ الله .

    راح الحجّاج ينظر إلى تدفّق الدماء بلا انقطاع فتعجّب من كثرة الدم .

    التفت إلى الطبيب تياذوق ، و سأله عن السرّ في ذلك .

    فقال الطبيب :

    ـ ان كل الذين قتلتهم كانوا خائفين ، و كان الدم يتجمّد في عروقهم ، فلا ينزف منه إلاّ القيل .

    امّا سعيد بن جبير ، فلم يكن خائفاً ، و ظلّ قلبه ينبض بشكل طبيعي .

    لقد كان قلب سعيد مملوءاً بالايمان ، و لهذا لم يخف من الموت ، فرحل إلى الله شهيداً و كان سعيداً كما سمّاه أبواه .

    مصير الجلاّد

    اختلّ عقل الحجاج بعد هذه الجريمة ، و كان يرى كوابيس مخيفة في نومه فكان يهبّ من نومه مرعوباً و يصيح :

    ـ مالي و لسعيد بن جبير .

    لم يعيش الحجاج بعد هذه الجريمة سوى خمسة عشر يوماً ثم مات .

    لقد استجاب الله دعا ذلك الشهيد ، فكان آخر من قتله الحجاج في حياته السوداء الحافلة بالجرائم و الظلم .

    و عندما فتحت أبواب السجون وجدوا فيها خمسين ألف رجل و ثلاثين ألف امرأة و طفل .

    لقد مات الجلاّد و الضحية في نفس العام ، و أضحت قصّتهما عبرة للأجيال . فالتاريخ يذكر سعيد بإجلال ، امّا الحجاج فلا يُذكر إلاّ باللعنة مدى الأيام .

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر 14.7

    سَعِيْدُ بْنَ جُبَيْر 14.8

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس أكتوبر 03, 2024 4:50 pm